دعت أحزاب ليبية إلى «الاستفتاء الكامل» على «القضايا الخلافية»، العالقة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة منذ 10 أعوام، كحلّ للأزمة السياسية الراهنة، في وقت تكثّف فيه سلطات شرق ليبيا علاقاتها مع روسيا بمزيد من الزيارات، التي تبحث «التعاون المشترك» بين الجانبين.
وجاءت الدعوة من 30 حزباً ليبياً في معرض انتقادها المراسيم الأخيرة، الصادرة عن المجلس الرئاسي، التي تضمنت توجيه «مفوضية الانتخابات» لاتخاذ الإجراءات العملية لتنفيذ الاستفتاء على الدستور في غضون 30 يوماً.
وفي موقف يزيد من حدة الخلافات بين القوى السياسية بالعاصمة، رأت هذه الأحزاب أن ما سمّته «التحرك المفاجئ» للمجلس الرئاسي «يثير علامات استفهام جوهرية وصارخة حول دوافعه وتوقيته». وقالت إن الأزمة الراهنة «تحتاج إلى مبادرات وطنية مخلصة تفضي إلى إجراء الانتخابات أو معالجة الانسداد السياسي الحاد، وتداعيات انقسام السلطة التنفيذية، أو حل القضايا الخلافية»، محذرة مما سمّته «محاولات مشبوهة» تهدف إلى «الالتفاف على الإرادة الشعبية، وتكريس حالة الانسداد السياسي الراهن».
وتعتقد هذه الأحزاب أن الحل الأمثل «يكمن في تمكين الشعب الليبي من ممارسة حقوقه السياسية، عبر استفتاء شامل على القضايا الجوهرية الخلافية العالقة منذ 10 سنوات بين مجلسي النواب و«الدولة»، وأيضاً على القضايا المتعلقة بمعالجة أسباب الصراع، وباستدامة الحل وبناء الدولة الحديثة.
ودعت هذه الأحزاب، ومن بينها «التجمع الوطني» و«الطليعة» و«حركة المستقبل»، إلى «توحيد الصفوف والضغط بكل الوسائل المشروعة» من أجل «إعادة الأمور إلى نصابها»، و«تمكين المواطن الليبي من ممارسة حقه الأصيل في تقرير حاضره، ورسم معالم مستقبله».
وأرجعت هذه الأحزاب أسباب صدور مراسيم «الرئاسي» إلى أنه «بعد أن لاحت في الأفق ملامح عملية سياسية جديدة، يُحتمل أن تسفر عن تعديل في السلطة التنفيذية، وجدنا المجلس الرئاسي ينتفض دفاعاً على ما يبدو عن مصالحه الذاتية، وعن استمراره في السلطة، وليس استجابة لنداءات الشعب المتكررة لإنقاذ المسار السياسي، وإنهاء حالة الانسداد وتمكين الاستحقاق الانتخابي».
ومنذ أن تعثرت ليبيا في إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية نهاية عام 2021، لا تزال مباحثات مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تراوح مكانها، في ظل عدم توافق بشأن قانوني الاستحقاق المنتظر.
ويفترض أن تنتهي اللجنة «الاستشارية» الأممية، بحسب البعثة، من اجتماعاتها قريباً، على أن تقدم ما انتهت إليه من مقترحات لدعم المؤسسات الليبية في تنظيم «انتخابات شاملة؛ ضمن إطار زمني واقعي وقابل للتنفيذ».
وسبق أن اتفق رؤساء مجالس «الرئاسي والنواب والدولة»، خلال اجتماعهم بجامعة الدول العربية بالقاهرة في مارس (آذار) 2024 على حل النقاط الخلافية وصولاً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتشكيل «حكومة موحدة»، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث حتى الآن.
في شأن مختلف، أجرى رئيس أركان الوحدات الأمنية بـ«الجيش الوطني»، الفريق ركن خالد حفتر، مباحثات مع نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكيروف، خلال زيارته إلى العاصمة موسكو.
وقالت رئاسة أركان الوحدات الأمنية إن زيارة خالد حفتر، التي بدأها مساء الخميس، تضمنت مناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وبحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين.
ونقلت رئاسة الأركان عن يفكيروف أنه «أثنى على دور القوات المسلحة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في ليبيا»، وقال إن «استقرار ليبيا يعد أساساً لاستقرار المنطقة الإقليمية».
ووفق رئاسة الأركان، فقد أشار خالد حفتر إلى عمق العلاقات الليبية – الروسية، مشدداً على «أهمية فتح آفاق أوسع للتعاون في مختلف المجالات، خاصة العسكرية والأمنية، إلى جانب التعاون في ملفات الاقتصاد والتنمية، بما يخدم مصالح البلدين».
وسبق أن زار خالد حفتر، الذي ينظر إليه على أنه مختص بملف العلاقات الروسية مع «الجيش الوطني»، موسكو مرات عدة، كما يعد المكلف باستقبال الوفود العسكرية الروسية لدى قدومها إلى الرجمة، مقر القيادة العامة.
والعلاقة بين موسكو وسلطات شرق ليبيا في ازدياد، لا سيما بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. وتتحدث تقارير غربية وأميركية عن «توسع نفوذ» روسيا في المناطق، التي يسيطر عليها المشير خليفة حفتر، في شرق ليبيا وجنوبها، وتفيد باستقبالها مزيداً من السلاح الروسي.
وللعلم، فإن القوات الروسية توجد في ليبيا منذ عام 2019 على شكل عناصر «مرتزقة»، يتبعون شركة «فاغنر» الروسية الخاصة، وذلك لمساندة قوات «الجيش الوطني»، لكن هذا الوجود تزايد فيما بعد، بحسب تقارير دولية، وبات هناك تعاون مُعلن بين الجانبين.
وكان موقع «إيتاميل رادار» الإيطالي قد قال إنه رصد عدداً من طائرات الشحن العسكرية الروسية، من طراز «إليوشن – 76TD»، وهي تقوم برحلات متناوبة بين روسيا وقاعدة الكاظم الجوية القريبة من بنغازي.
التعليقات