من وراء الكواليس وبصوت خافت للغاية، تجدَّد الحديث عن احتمال التوصل إلى صفقة بين محامي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والنيابة العامة، تُنهي محاكمته في قضايا الفساد بإدانة خفيفة، بلا سجن. وفي المقابل، يتعهد بترك السياسة وإتاحة الفرصة لوقف التوتر السائد في المجتمع الإسرائيلي، والذي يهدد بحرب أهلية.
وسابقاً، طرحت مقترحات شبيهة عدة مرات، منذ بدء جلسات المحاكمة في سنة 2020، لكنها فشلت. وفي بعض الأحيان أفشلها نتنياهو؛ لأنه آمن بقدرته على البقاء رئيساً للحكومة في الانتخابات، وفي أحيان أخرى أفشلتها النيابة؛ لأنها أرادت، بشيء من الغطرسة، تحطيمه لتثبت أنها صارمة ضد الفساد وضد محاولاته تحطيم الديمقراطية وإضعاف الجهاز القضائي. لكن تطورات جديدة طرأت في الأسابيع الأخيرة، وفقاً لمقرَّبين من الطرفين.
وقبل أيام، سُئل رئيس الدولة يتسحاق هيرتسوغ عن الموضوع، خلال مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقال: «في إطار الحاجة إلى خفض مستوى التوتر بالمجتمع الإسرائيلي، سمعت أهرون باراك (الرئيس الأسبق لمحكمة العدل العليا) يتحدث عن أهمية التوصل إلى صفقة. هذه فكرة غير سيئة أبداً، حتى لو كان الهدف منها هو خفض التوتر».
وراء الكواليس
وقد رأى البعض في هذا التصريح تلميحاً إلى أن هيرتسوغ يعرف شيئاً يدور وراء الكواليس، للعودة إلى هذه الصفقة.
وقال مقرَّبون من القاضي المتقاعد باراك إن هناك جهات في حزب الليكود انضمت مؤخراً إلى الجهود، ويمكن لهذا أن يشكل بُشرى لإنجاحها، فهذه القوى تخشى من استمرار محاكمة نتنياهو.
ويعد المقرّبون من نتنياهو أنه عندما يستجوبه الدفاع في المحكمة، سيبدو نتنياهو في وضع غير سليم.
فماذا سيحدث عندما تبدأ استجوابات النيابة؟ ستسنّ النيابة أسنانها وستستفزه وستُهينه. ستقول له أنت «كذاب، يا سيدي رئيس الحكومة، وأنت فاسد، وأنت تحب الهدايا الثمينة بشرهٍ، وقد تُوقعه في مطبّات كثيرة. وفي حالةٍ كهذه ستتعزز ثقتها بنفسها وسيزداد غرورها، ولن يعود ممكناً قبولها لإنهاء المحاكمة بصفقة».
ووفق هؤلاء، فإن مؤيدي الصفقة في «الليكود» يَعدُّونها «مصلحة وطنية تتجاوز قضية المحكمة لما هو أكبر»، ويقصدون بذلك أن نتنياهو بات بحاجةٍ إلى صفقة؛ ليس فحسب لينجو من السجن، بل لينجو من الفشل الكبير في إدارة الحرب.
سيناريوهات «الليكود»
والسيناريو الذي يتصورونه هو أن يستقيل نتنياهو في إطار الصفقة، وتقوم حكومة طوارئ من دونه، بقيادة شخصية أخرى من حزب الليكود، وبمشاركة حزب «المعسكر الرسمي» برئاسة بينتي غانتس، وربما حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يائير لبيد، إلى حين إجراء الانتخابات.
فحكومةٌ كهذه تُوقف الحرب وتُنهي قضية المحتجَزين وتُوقف خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم، وتؤدي إلى التخلص من الحزبين المتطرفين؛ «عظمة يهودية» برئاسة إيتمار بن غفير، و«الصهيونية الدينية» برئاسة بتسلئيل سموتريتش، وتُعيد لإسرائيل الأمل.
لكن هناك قوى أخرى في «الليكود» ترى السيناريو بشكل مقلوب، فتقول إن نتنياهو «سيُحطم بنود الاتهام؛ الواحد تِلو الآخر، وعندها ستركض النيابة إليه لكي يقبل بصفقة، وربما يبقى في الحكم، ويحقق إنجازات سياسية مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مثل توسيع اتفاقيات إبراهيم. وهم يشيرون إلى أنه مقتنع بأنه سيحقق هذا التوسيع حتى نهاية هذه السنة».
الجديد، وفق مقرَّبين من أهرون باراك، هو أن بعضاً من هؤلاء المؤيدين والمعارضين باتوا يتحدثون مع نتنياهو في الموضوع من وجهتَي النظر.
والكُرة، الآن، في ملعبه، ولم يُعطِ رأياً، لكن هيرتسوغ يستبشر خيراً، ويروِّج في داخل إسرائيل أنه «يتعمد عدم توجيه أي انتقاد للحكومة، بسبب دوره في إقناع نتنياهو بالتوجه إلى الصفقة». والجميع ينتظر قرار نتنياهو، الذي يتمتع بعادة تأجيل الحسم في الأمور حتى اللحظة الأخيرة.
التعليقات