في موسم كروي مشحون بالمنافسة والإثارة، فرض نادي «فاركو» نفسه وسط الكبار، قائلاً كلمته في منافسات الجولة الرابعة من مرحلة حسم الدوري المصري، (الأحد)، حيث فاز على فريق «فاركو»، متصدر جدول ترتيب الدوري المصري بنتيجة 3-2، وهي الهزيمة الأولى لبيراميدز في مرحلة التتويج بالدوري.
وبينما أوقفت الخسارة رصيد بيراميدز عند 47 نقطة، رفع منافسه الأهلي رصيده إلى 46 نقطة، بالفوز على حرس الحدود بخماسية نظيفة، في الجولة ذاتها، لتشتعل المنافسة بين الفريقين للفوز باللقب، قبل 4 جولات من نهاية المسابقة المحلية.
ويعد فاركو، أحد أندية الشركات في مصر، حيث يتبع مجموعة فاركو للأدوية، إحدى الشركات القابضة، التي تعمل في مجال صناعة الدواء.
ولفت فاركو أنظار المشجعين المصريين ليس فقط بأدائه القوي داخل الملعب ضد بيراميدز، ولكن أيضاً بحضوره المميز على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان للطابع الفكاهي حضور في منشوراته على حساباته على تلك المنصات، سواء أثناء المباراة أو بعد نهايتها.
ففي أعقاب المباراة، اختارت حسابات فاركو طريقة مبتكرة لتوجيه رسالة مبطنة غير مباشرة إلى النادي الأهلي، تحمل طابعاً ساخراً، حيث نشرت بوستراً سينمائياً تخيلياً، بطله «سوبرمان» بزي غير تقليدي، حيث ارتدى معطف طبيب – في إشارة إلى خلفية فاركو الدوائية – وإلى جانبه عبارة «نهاية المباراة» مع تعليق «عد الجمايل».
كانت الحسابات استبقت المباراة، بإظهار شخص يرتدي المعطف ذاته ويتأهب لإجراء عملية جراحية لعملاق يرتدي قميص بيراميدز، بينما جاء التعليق فكاهياً أيضاً: «موسم الثلاثية ده كوم… واحنا كوم تاني خالص!»، في إشارة إلى استعداد فاركو لمواجهة الفريق السماوي، المرشح هذا العام لحصد ثلاث بطولات مهمة، هي الدوري والكأس المحلي، ودوري أبطال أفريقيا.
ونجح بيراميدز في التأهل إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة الأولى في تاريخه، قبل أيام، بعدما تخطى فريق أورلاندو بايرتس الجنوب أفريقي في إياب نصف النهائي، كما أنه سيواجه الزمالك في نهائي كأس مصر المقرر يوم 5 يونيو (حزيران) المقبل.
وأثناء سير المباراة، تفاعلت حسابات فاركو مع أهداف الفريق في مرمى بيراميدز، ومع أحداثها.
وكان لافتاً استخدام الحسابات لـ«إفيهات» وعبارات شهيرة من الأفلام المصرية، من بينها التعليق على الهدف الثاني للفريق: «حد ليه شوق في حاجة؟»، إحدى العبارات التي رددها الفنان الراحل محمود عبد العزيز فيلم «إبراهيم الأبيض».
كما علق الحساب على الهدف الثالث بعبارة: «بتعرف تعد لحد كام؟»، الذي ردده الفنان عادل إمام في فيلمه «شمس الزناتي».
كذلك تهكم عقب المباراة بمنشور ساخر ظهر فيه أحد المنتجات الدوائية للشركة، بالقول: «مسكن للآلام… 3 مرات يوميًا حتى موعد الاستشارة في الموسم الجديد».
وانتشرت هذه التعليقات بين رواد «السوشيال ميديا» الذين تناقلوها فيما بينهم على نطاق واسع، مع التعليق بسخرية على مضمونها، والإشادة بالمسؤول عن إدارة الحسابات.
وعلق الإعلامي المصري، أحمد شوبير، مبيناً أنه انتقد فيما سبق المسؤولين عن حسابات «السوشيال ميديا» في نادي فاركو، غير أنه تراجع قائلاً إن ما يقدموه مقبول ويحتوي على «اللّطافة».
كانت حسابات فاركو أثارت جدلاً سابقاً أثناء مباراة الفريق مع الأهلي مطلع هذا العام، والتي انتهت بتعادل الإيجابي 1-1، حيث نشرت فيديو للاعب المغربي زهير المترجي، صاحب هدف الفريق أمام الأهلي، ودمجت هدفه الشهير بقميص الوداد المغربي في مرمى الأهلي أيضاً خلال نهائي دوري أبطال أفريقيا 2023.
المتخصص في الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي بمصر، محمد فتحي، وصف ما يقوم به نادي فاركو بأنه «استثمار في وسائل التواصل الاجتماعي، استطاع به خلق شخصية رقمية واضحة ومؤثرة تعتمد على الذكاء، وخفة الظل، وسرعة التفاعل، وهو ما جعله محل متابعة، حتى من الجماهير التي لا تنتمي للنادي».
وأوضح فتحي لـ«الشرق الأوسط»، أن فاركو يعتمد على أسلوب بسيط ومرح في تقديم محتواه، وأيضاً اللغة المستخدمة قريبة من الجمهور خاصة فئة الشباب، والتصميمات التي تميل للطابع الساخر، ما يعطي إحساساً بأن الصفحة «حيّة» وتفهم عقلية المتابعين، مضيفاً: «النادي الحديث في الدوري المصري يقدم نموذجاً ناجحاً لبناء هوية رقمية متكاملة، في وقت أصبح التفاعل الرقمي جزءاً من صورة النادي وجماهيريته، كما يملك فرصاً لتعزيز حضوره وتأثيره بشكل أكبر إذا واصل هذا النهج وأضاف له أبعاداً جديدة كالمحتوى المجتمعي والفيديو».
بدوره، قال الناقد الرياضي، محمد الهليس، لـ«الشرق الأوسط»، إنه بعد صعود نادي فاركو للدوري الممتاز موسم 2021-2022، ظهرت حالة سخرية وانتقاد لفكرة توسع ظاهرة أندية الشركات، «لكن فريق سوشيال ميديا الفريق استغل هذه النقطة لصالحه بشكل جيد للغاية، وحولها لنقطة إيجابية، حتى إن تعليقاتهم أصبحت منتظرة بعد كل مباراة لهم».
ويرى الهليس أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً من هوية الأندية الرياضية، والمنصات تعكس حجم وانتشار النادي، مبيناً أن حسابات نادي غزل المحلة، على سبيل المثال، اتجهت إلى ربط تصاميم المباريات بالأحداث التاريخية والقضايا المحلية.
التعليقات