التخطي إلى المحتوى
الذكاء الاصطناعي العاطفي: تجارة للحب والمشاعر أم ثورة تكنولوجية؟


الذكاء الاصطناعي العاطفي هل هم تجارة الحب والعواطف أم ثورة تكنولوجية؟

 

الذكاء الاصطناعي العاطفي هل هم تجارة الحب والعواطف أم ثورة تكنولوجية؟

 

 

ما زال الذكاء الاصطناعي يتطور عالميا ثم يفاجئنا بالجديد والغريب، ومن التقنيات العجيبة في هذا المجال قدرته الكبيرة على قراءة مشاعر وأحاسيس الإنسان، تخيل روبوتًا يتفاعل معك بمجرد أن ينظر إليك، يعلم أنك حزين فيأخذ في سرد مجموعة من النكت المضحكة كنوع من الترفيه عنك دون أن تطلب منه ذلك؛ وقد تتعامل معه على أنه رفيق أو صديق وقد يكون بديلًا عن الأصدقاء والخلان، ولتلك التكنولوجيا سلبيات كما أن لها ايجابيات، وكما ذكرت كاثرين كروفورد (باحثة في آثار الذكاء الاصطناعي): “نحن بحاجة إلى التفكير النقدي في الآثار الاجتماعية والأخلاقية للذكاء الاصطناعي، وليس فقط في قدراته التقنية.”

 

تطبيقات الذكاء العاطفي للآلات في حياتنا

الذكاء الاصطناعي العاطفي هو قدرة الآلة على تتبع مشاعر الأشخاص من خلال ملامح الوجه وطريقة الحديث، بل ومن خلال دقات القلب، تماما مثل خبير في علم النفس، يستطيع معرفة سمات الشخص من حيث الضيق أو الفرح والسرور، ويستخدم ذلك في جمع البيانات النفسية عن العملاء ويكون له رد فعل يتناسب مع الحالة المزاجية للعميل، تخيل أنك تتابع أحداثًا مختلفة على الهاتف، ومن خلال اهتمامك بصورة معينة يظهر الاهتمام على ملامح وجهك، ثم تلتقطها التطبيقات الذكية وتفاجأ بأن جميع الإعلانات موجهة إليك حول تلك الصورة التي أعجبتك ولم تخبر أحدًا عنها، ذاك مثال بسيط لاستخدامات الذكاء العاطفي للآلات، وتُستخدم تلك التقنيات في مجالات واسعة مثل العيادات الطبية، -وخصوصًا- الخاصة بالمرضى النفسيين، كما تُستخدم في مجال خدمة العملاء؛ فمن خلال حديثك يتعرف على حالتك المزاجية من رضًا أو غضب ويتعامل معك العقل الإلكتروني بالطريقة التي تناسب هواك.

كان هذا موجزًا بسيطًا عن مواصفات الآلات الشاعرة التي تشعر بك وتعلم أحزانك وأفراحك، ولكن ماذا لو تسربت تلك المعلومات إلى فضاء الإنترنت وحاول استغلالها من لا تحب؟ والآن قد يتم كشف أسرارك النفسية إلى أجهزتك الخاصة ومنها إلى ما لم يكن في الحسبان.

 

تجارب بشرية مع الذكاء الإلكتروني العاطفي

وهو ما يحدث في برنامج Meat AI الملحق بتطبيق واتساب على الهاتف؛ ففي هذا البرنامج توجد مسميات و شخصيات افتراضية من الذكاء الاصطناعي تتحدث إليك الشخصية بأسلوب عاطفي وكأنها تريد إغواءك، وتتبع بعض المناورات حتى تثبت أن الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يتفوق على البشر في الأمور العاطفية، وتتحدث إليك الآلة على أنها فتاة حقيقية، وقد دار حوار معها، كل منا يريد أن يقنع الآخر بوجهة نظره؛ فأنا أريد أن أعلمها أني أعلم أنها روبوت، وهي تريد أن تقنعني أنها إنسانة ذات لحم ودم ومشاعر، ذلك نموذج بسيط عن تطور تلك التقنيات ومستقبلها.

 

المخاطر النفسية والأخلاقية للروبوتات العاطفية

أما عن الروبوتات العاطفية فهى معضلة أخرى تستحق الدراسة العميقة من خبراء الاجتماع وعلم النفس بل وكافة فروع الطب، ومما هو جدير بالذكر فأن الشركة المنتجة للروبوتات الجنسية تنتج عشرات الألاف منها سنويا، وعلى الرغم من عدم وجود احصائيات دقيقة،عن تأثير تلك الروبوتات و الألعاب الجنسية على الحالة النفسية لمستخدميها،فإن الأبحاث والمناقشات الأخلاقية والنفسية تشير الى أن تلك الآلات الجنسية، تسبب أمراض نفسية واجتماعية خطيرة، ولقد تم في جامعة نباش عمل أبحاث ونقاشات عن أخطار تلك الروبوتات و الألعاب الجنسية وحذرت منها، وفي مقالة للكاتب الاكاديمى  بيكياو لي بعنوان “ماذا سيحدث لو استطاعت الروبوتات الجنسية أن تحل محل الشركاء البشريين؟” حذر الكاتب بيكياو لي من الآثار الاجتماعية والنفسية للمتعاملين مع الروبوتات العاطقية،ويلمح الكاتب إلى أن المتعاملين مع تلك الروبوتات أغلبهم يشعرون بالعزلة الاجتماعية، وفئة كبيرة منهم يعانون من صعوبة التكيف مع الواقع الحقيقى،كما أن شريحة كبيرة منهم يصابون بالاكتئاب والقلق. 

 

ضرورة حوكمة الذكاء الاصطناعي وتشريع القوانين المنظمة

كان هذا نموذجًا بسيطًا عن تجارة الحب والمشاعر والأحاسيس الإلكترونية، وكما قال يوشوا بنجيو (رائد في مجال التعلم العميق): “الذكاء الاصطناعي سيصل إلى مستوى الذكاء البشري، وفي النهاية سوف يتجاوزه” ولذلك يجب الحذر و الحيطة وتشريع قوانين لحوكمة تلك التقنيات.

وفي الختام، أقول إنه لا بد من تشريعات وقوانين دولية للحد من تجاوزات مفترضة في برمجة الذكاء الاصطناعي، وتقوم الأمم المتحدة حاليًا بتوصيات لإنشاء قوانين منظمة لعمل تقنيات الذكاء الصناعي، ولكن إلى الآن لم تظهر قوانين وأسس علمية ملزمة ومنظمة لتلك التقنيات.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *