التخطي إلى المحتوى
كنوز «الملك الذهبي» تستقر في المتحف المصري الكبير


استعداداً لافتتاحه الرسمي المقرر في 3 يوليو (تموز) 2025، استقبل المتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون قادمة من المتحف المصري بالتحرير، ضمن خطة نقل وعرض المجموعة الكاملة لـ«الملك الذهبي» لأول مرة في مكان واحد.

وقال وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، إن هذه الخطوة تأتي ضمن الاستعدادات النهائية للافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير المقرر يوم 3 يوليو المقبل، لافتاً، في بيان، الجمعة، إلى أن عمليات نقل باقي القطع الخاصة بالملك ستتواصل خلال الفترة المقبلة، وفق جدول زمني محدد لتُعرض في القاعات الخاصة بها في المتحف.

ونُقلت أعمال القطع الأثرية وفقاً لأعلى المعايير العلمية والفنية الدولية؛ إذ أعدّ فريق العمل المتخصص في المتحف المصري الكبير تقارير حالة تفصيلية لكل قطعة أثرية، إلى جانب تنفيذ أعمال التغليف والنقل بعناية فائقة، وفق تصريحات الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف الكبير الدكتور أحمد غنيم. وأوضح أن «فريق الترميم في المتحف سيقوم بأعمال الصيانة والترميم اللازمة، تمهيداً لوضع القطع داخل فتارين العرض الدائم المخصصة لها، مما يضمن عرضاً متكاملاً يليق بمكانة هذا الملك الشاب وتاريخه».

استعدادات لعرض كنوز «الملك الذهبي» بالمتحف الكبير (وزارة السياحة والآثار)

ومن أهم القطع التي نُقلت، حسب الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، «كرسي الاحتفالات الشهير الخاص بالملك توت عنخ آمون الذي عُثر عليه في الممر المؤدي إلى المقبرة، بالإضافة إلى المقصورة الخشبية المذهبة الخاصة بالأواني الكانوبية، ومجموعة من الحلي والمجوهرات والقلادات المصنوعة من الذهب والعقيق».

ويُعدُّ كرسي الاحتفالات من أروع نماذج الفن في الدولة الحديثة، الذي يتميز بتطعيمه بالعاج والأبانوس والفيانس والذهب، ويظهر في وسط ظهره قرص الشمس تعلوه الإلهة «نخبت» وهي تبسط جناحَيْها، في حين أن مسند القدمين مُزيّن بزخارف ورقائق ذهبية مرسوم عليها أعداء مصر التسعة، وفق بيان الوزارة.

كنوز توت عنخ آمون تنتقل إلى المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

وينتمي توت عنخ آمون (1336 -1327 قبل الميلاد) إلى الأسرة الـ18، وتُمثل محتويات مقبرته أهمية خاصة لعلماء الآثار؛ لأنه الفرعون الوحيد الذي اكتُشفت مقبرته سليمة وكاملة نسبياً في وادي الملوك، وتصدّر هذا الاكتشاف على يد هوارد كارتر عام 1922 حينها، عناوين الصحف العالمية، وفق وزارة السياحة والآثار المصرية.

وعدّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، استقبال المتحف المصري الكبير لـ163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون «لحظة فارقة في مسيرة المشروع الثقافي الأضخم في القرن الـ21، وخطوة نوعية في طريق الافتتاح الرسمي المنتظر لهذا الصرح الحضاري الذي يُعيد كتابة علاقة مصر بتراثها الفرعوني، ويجعل من القاهرة الكبرى مركزاً عالمياً للتاريخ والآثار».

الكنوز تتضمن تمائم وحلياً من الذهب والعقيق (وزارة السياحة والآثار)

وقال عبد البصير، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن تجميع المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون وعرضها لأول مرة في مكان واحد هو إنجاز غير مسبوق في تاريخ علم المتاحف، ويضع مصر في مصافّ الدول التي تقدم تراثها القديم بأعلى المعايير المتبعة عالمياً في الحفظ والعرض والبحث العلمي»، مؤكداً حرص الدولة على أن يكون المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى، بل منظومة متكاملة تعكس فهماً عميقاً للتاريخ، وحواراً متواصلاً بين الماضي والحاضر والمستقبل.

وعن القطع المنقولة يقول: «يبرز كرسي الاحتفالات الشهير الذي يُعد تحفة فنية فريدة من العصر الذهبي للدولة الحديثة. تطعيماته بالعاج والأبانوس والذهب، ونقوشه الرمزية التي تُجسّد انتصارات مصر».

كرسي الاحتفالات في مجموعة «الملك الذهبي» (وزارة السياحة والآثار)

عاداً المتحف المصري الكبير، بتلك الكنوز، ليس فقط مكاناً للعرض، بل يتحول إلى منصة دولية للحوار الثقافي، ونقطة جذب استثنائية ستُعيد رسم خريطة السياحة الثقافية في المنطقة والعالم.

وبدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير في تسعينات القرن الماضي، وفي عام 2002 وُضع حجر الأساس له ليشيد في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة، واكتمل تشييده عام 2021 في مساحة تزيد على 300 ألف متر مربع، ومن المقرر أن يعرض ما يزيد على 50 ألف قطعة أثرية، تمثّل نماذج من الحضارة المصرية على مر العصور.

وقال خبير الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار في المجلس الأعلى للثقافة: «خصّص المتحف الكبير قاعتَيْن لمجموعة توت عنخ آمون، مساحة كلٍّ منهما 7 آلاف متر مربع، وتضم المجموعة 5389 قطعة، تُعرض لأول مرة في مكان واحد جاءت من المتحف المصري في التحرير، ومتحف الأقصر، والمتحف الحربي». وأضاف: «من أهم القطع التي تضمُّها المجموعة الكاملة المقرر عرضها في المتحف الكبير، قناع توت عنخ آمون الذي يُعدّ أهم وأعظم وأثمن قطعة أثرية في العالم، و4 مقاصير ذهبية، و3 أسِرّة، و4 عجلات حربية، مع عروض افتراضية عن قصة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون».

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *