تصاعدت وتيرة الأزمة بين جمعية المؤلفين والملحنين والناشرين المصرية من جهة، ونقابة المهن الموسيقية بمصر من جهة أخرى، بعد أن عقدت الأخيرة مؤتمراً صحافياً بغرض «دعم عدد من الشعراء والملحنين الذين تقدموا باستقالاتهم من الجمعية، احتجاجاً على عدم حصولهم على حقوقهم المالية الكاملة من الأداء العلني، والعوائد المستحقة عن أعمالهم الغنائية، والفنية»، وفق ما أشار نقيب الموسيقيين المصريين الفنان مصطفى كامل.
وبدأت الأزمة عندما قرر عدد من الشعراء والملحنين، من أعضاء جمعية المؤلفين والملحنين -وهي الجهة المعنية بتحصيل حقوق الأداء العلني لأعضائها من شعراء، وملحنين في مصر عن كل ما يذاع من أعمالهم الفنية حول العالم- تقديم استقالاتهم، معبرين عن رفضهم للمبالغ التي يتقاضونها من الجمعية، إلى جانب اعتراضهم على ارتفاع نسب الضرائب المفروضة عليهم. ومن بين المستقيلين: الشاعر تامر حسين، والملحن بلال سرور، والملحن محمود الخيامي.
وفي ضوء ذلك، قرر نقيب المهن الموسيقية، مصطفى كامل، عقد مؤتمر صحافي بمقر النقابة، أعلن خلاله عن دعمه الكامل لهؤلاء الفنانين، مشيراً إلى ضم عدد من الشعراء المستقيلين إلى النقابة، وإنشاء شعبة جديدة داخلها تحت مسمى «شعبة الشعراء»، بهدف مساعدتهم في تحصيل حقوقهم المادية.
وقال مصطفى كامل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «تلقينا العديد من الشكاوى من ملحنين، وموزعين موسيقيين أعضاء في الجمعية العمومية لنقابة المهن الموسيقية، يطالبون بتدخل النقابة لاسترداد حقوقهم المهدرة. نحن لا نهدف إلى مهاجمة الجمعية، بل نكن لها كل الاحترام والتقدير، وندرك جيداً مكانتها وقيمتها، ولكن هناك شعور عام بالتقصير في تحصيل الحقوق، ما يهدد حياة الفنان المصري، ويقلل من تقديره، بينما نجد أن الفنان في الخارج يعيش حياة كريمة بفضل عمل فني ناجح واحد فقط».
وأضاف: «ما يتقاضاه زملاؤنا في مصر من عوائد لا يتناسب أبداً مع حجم الإبداع الذي يقدمونه. وقد حاولت كثيراً العمل على التوأمة، والتقارب، وكنت قد نسقت لعقد هذا الاجتماع بالتعاون مع الدكتور مدحت العدل، (رئيس جمعية المؤلفين والملحنين والناشرين) وهو صديق عزيز، وكان مقرراً أن نحضر سوياً هذا الاجتماع مع أعضاء الجمعية، للاستماع إلى شكاواهم، والرد على استفساراتهم. إلا أنني تلقيت اعتذاراً من الجمعية في وقت متأخر من الليلة السابقة، بحجة أن الاجتماع من المفترض عقده ودياً، وليس رسمياً، وهو أمر أراه غير مبرر».
وفيما يخص سبب إنشاء شعبة «الشعراء»، أوضح كامل: «حين يستدعي الأمر تدخل النقابة لحماية حقوق أي مواطن مصري، فإننا نتحرك فوراً. وقد اجتمعت مع لجنة القيد بالنقابة، وتم الاتفاق على فتح شعبة للشعراء بدءاً من الغد، ليكون هناك سند قانوني لعضويتهم داخل النقابة. نحن نؤمن بدور مؤسسات الدولة، وبضرورة احتواء المبدعين، خصوصاً فيما يخص المكتبة الفنية المصرية، التي نعدها الأكبر في الشرق الأوسط، والعالم العربي».
من جانبه، قال الشاعر والسيناريست الدكتور مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» إن سبب اعتذاره عن حضور الاجتماع يرجع إلى أن «هذه النوعية من القضايا لا تناقش في مؤتمرات صحافية، بل في جلسات عمل مغلقة، وجادة بين الأطراف المعنية، ولهذا فضّلت عدم الحضور».
وفيما يتعلق بموضوع الضرائب المرتفعة، أوضح العدل أن «سبب الغضب يعود إلى تطبيق فرنسا لتوصيات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، حيث فرضت السلطات الفرنسية على جمعية (SACEM) المسؤولة عن التحصيل من الخارج، وهي الجمعية الأم التي تندرج منها الجمعية المصرية، خصم ضرائب بنسبة 25 في المائة على جميع المتحصلات، إلى حين التأكد من أن المستفيد غير مقيم في فرنسا، ويدفع الضرائب في بلده الأصلي».
وأشار العدل إلى أن مجلس الجمعية، رغم رفضه لهذا الإجراء، تم إبلاغه رسمياً بأن الخصم سيتم استرداده في حال تقديم شهادة إقامة ضريبية من كل عضو تثبت خضوعه للضرائب المصرية، بموجب اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي بين مصر وفرنسا الموقعة عام 1975. وأوضح أن «هذا الإجراء يتم مع جميع جمعيات وشركات التحصيل التي تتعامل مع (SACEM) عالمياً»، حسب تعبيره.
وتابع: «قرر المجلس صرف نفس قيمة الخصم لجميع الأعضاء دون استثناء، كحل مبدئي، وبدأ بالفعل التنسيق مع مصلحة الضرائب المصرية لتسهيل عملية استخراج شهادة الإقامة الضريبية، مع العلم بأن الجمعية ليست جهة مخولة قانوناً لاستخراجها، كونها تتطلب مستندات لا يمكن الحصول عليها إلا بمعرفة العضو شخصياً، أو بموجب توكيل رسمي موثق».
وختم قائلاً: «بعض الزملاء يرفضون أيضاً خصم الضريبة المحلية المنصوص عليها في القانون المصري (5 في المائة ضريبة من المنبع وفقاً لقانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005)، رغم أن هذا يمثل مخالفة تضر الجمعية، وأعضاءها. وقد عُقد اجتماع مع ممثلي مصلحة الضرائب بحضور بعض الأعضاء الغاضبين، وعرفوا أن هذا الخصم قانوني، ولا يمكن إلغاؤه».
التعليقات