
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارته إلى الرياض، عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تحمل دلالات سياسية واقتصادية على السواء.
ويعد هذا القرار بداية لإعادة دمشق إلى الحلبة المالية العالمية، واسترداد أصولها المجمدة منذ عقود.
يرجح الخبراء أن يسهم رفع العقوبات في نمو الناتج المحلي السوري بنسبة تتراوح بين 5% و7% خلال العام الأول، بفعل عودة التحويلات الخارجية واستئناف عمليات الاستيراد بشكل أكثر سلاسة.
كما يتوقع محللون، مثل مازن إرشيد، أن تستعيد الليرة السورية نحو 30% من قيمتها مقابل الدولار، بعد أن تجاوز سعر الصرف 20 ألف ليرة في السوق الموازية.
وبينما يؤكد خبراء مصرفيون ضرورة إصدار إعفاءات أولية تسمح بإجراء معاملات مالية دولية، يشددون على أن الاستفادة الكاملة من رفع العقوبات تتطلب إصلاحات هيكلية ومالية وقانونية في سوريا.
على صعيد السياسة النقدية، أقرّ مصرف سوريا المركزي رفع سعر صرف الليرة من 12 ألفاً إلى 11 ألف ليرة للدولار، سعياً للحدّ من فجوة الأسعار بين السوق الرسمي والموازي.
وأكد حاكم المصرف عبد القادر حصرية أن القرار يمثل فرصة لتعزيز الأدوات النقدية وتحسين الشفافية المالية، كما يعمل على جذب سيولة خارجية تدعم مشاريع إعادة الإعمار.
من جهته، يسلط تقرير للأمم المتحدة الضوء على هشاشة الاقتصاد السوري، حيث يعتمد ثلاثة أرباع السكان على المساعدات، ويصل معدل الفقر إلى 90%، في حين بلغت خسائر الناتج المحلي نحو 800 مليار دولار منذ 2011. ويرى المحللون أن رفع العقوبات سيفتح الباب أمام تمويل إقليمي وعالمي لإعادة بناء البنى التحتية المتضررة.
يتجاوز أثر القرار حدود سوريا إلى الدول المجاورة؛ إذ يتوقع أن ترتفع صادرات الأردن إلى سوريا بأكثر من 70% خلال العامين المقبلين، إذا أعيد فتح المعابر الحدودية وعادت حركة التجارة الطبيعية.
كما من المحتمل أن تستأنف تركيا ولبنان والعراق تعاملاتها الاقتصادية مع دمشق، ما يعزز التكامل الإقليمي ويدفع عجلة التعافي.
يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة السورية في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتعظيم مكاسب رفع العقوبات، بدءاً من تشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات، وصولاً إلى إصدار التشريعات المناسبة وحماية المستثمرين.
وإذا ما نجحت هذه الخطوات، فقد تتحول مرحلة التعافي الحالية إلى انطلاقة حقيقية لعودة سوريا إلى موقعها الطبيعي اقتصادياً ودبلوماسياً.
المصدر : العربية
التعليقات