التخطي إلى المحتوى
مصر ترفض البيع.. وترامب يشتري الصمت الخليجي!


في مشهد يعكس اختلال الموازين السياسية والأولويات العربية، جاءت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج، والتي شملت السعودية وقطر والإمارات، بمثابة عرض ضخم للمصالح الاقتصادية على حساب القضايا الجوهرية في الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

زيارة ترامب.. المال أولًا وفلسطين خارج المعادلة

في الفترة من 13 إلى 16 مايو 2025، حط ترامب رحاله في الخليج، ليُستقبل بحفاوة رسمية وصفقات ضخمة تجاوزت 2 تريليون دولار. حيث استثمرت السعودية نحو 600 مليار دولار في مشاريع أمريكية، منها 142 مليارًا لصفقات تسليح، بينما أبرمت قطر اتفاقيات بقيمة 243.5 مليار دولار وقدّمت طائرة بوينغ فاخرة كهدية، فيما أعلنت الإمارات عن استثمارات مستقبلية بقيمة 1.4 تريليون دولار في الذكاء الاصطناعي والطاقة.

ورغم هذا الاستعراض الاقتصادي، لم يأتِ ترامب على ذكر فلسطين، ولا حتى مجاملة دبلوماسية. القضية التي لطالما كانت في صلب الصراع العربي–الإسرائيلي غُيّبت تمامًا عن جدول الزيارة، وكأنها باتت خارج أولويات بعض الأنظمة.

من يموّل الحرب على غزة؟

الولايات المتحدة لا تكتفي بالصمت، بل تدفع سنويًا 3.8 مليار دولار كمساعدات عسكرية مباشرة لإسرائيل، حسب تقارير الكونغرس. هذه الأموال تذهب غالبًا إلى تطوير الأسلحة وتنفيذ العمليات العسكرية، ومنها تلك التي تُشن على غزة. إضافة إلى ذلك، تساهم منظمات يهودية متطرفة في تمويل الحرب بدوافع دينية وسياسية، ما يزيد من تعقيد المشهد.

وفي كل عدوان، يكون الضحية الأكبر هو الشعب الفلسطيني الأعزل، آلاف الشهداء والجرحى، ومليارات الدولارات من الخسائر، وسط صمت دولي وتواطؤ إعلامي، ومحاولات لتحميل حماس المسؤولية، دون التطرق إلى الاحتلال المستمر والانتهاكات اليومية في القدس والضفة وغزة.

مصر.. موقف لا يُشترى

في مقابل مشهد الانحناء أمام المال، تبرز مصر بموقفها الثابت والراسخ في الدفاع عن فلسطين. لم تشترِ ودّ ترامب، ولم تدخل في صفقات مشبوهة، بل رفضت أن تكون ممرًا لتهجير الفلسطينيين أو شاهد زور في “مزاد القضية”.

مصر التي كانت دائمًا في قلب المعادلة، بقيت صامدة رغم حملات التشويه، واستُبعدت من المشهد الإعلامي والسياسي في الخليج، لأن موقفها لم يعجب بعض الدوائر الغربية. لكنها بقيت الداعم الأقوى للحق الفلسطيني، والراعية لأي حل عادل، خصوصًا فكرة حل الدولتين، التي لا تزال رهينة الإرادة الأمريكية.

فلسطين ليست سلعة.. ومصر ليست للبيع

زيارة ترامب كشفت بوضوح أن بعض الأنظمة تبحث عن الأمن في دفاتر الشيكات، بينما تختار مصر الوقوف إلى جانب الكرامة. المال لا يحل القضايا، ولا يشتري التاريخ، والسكوت عن فلسطين لن يمنح أحدًا الحماية.

مصر، التي فضلت الصمت المشرّف على الخطاب الاستعراضي، تُثبِت مرة أخرى أن الكرامة لا تُشترى، وأن فلسطين ستظل قضية عربية حية، ما دام هناك من يرفض بيعها.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *