
في إطار جهود الدولة لتطوير منظومة النقل العام وتحقيق رؤية شاملة للتحول نحو وسائل نقل ذكية ومستدامة، دشنت الحكومة المصرية مشروع الأتوبيس الترددي على الطريق الدائري بالقاهرة الكبرى، والذي يعد من أكبر المشروعات التي تستهدف تخفيف الزحام المروري وتوفير وسيلة نقل حضارية وآمنة لملايين المواطنين. ويعتمد نظام الأتوبيس الترددي، أو ما يعرف بـ Bus Rapid Transit (BRT)، على تخصيص حارات مرورية منفصلة لحركة الحافلات على طول الطريق الدائري بطول يتجاوز 100 كيلومتر، ما يتيح لها التنقل بسهولة وسرعة دون التأثر بالكثافة المرورية المعتادة.
المحطات الرئيسية: ربط بين الأطراف والمراكز الحيوية
يمر مسار الأتوبيس الترددي بمجموعة من المحطات الرئيسية التي تخدم مناطق مختلفة من القاهرة الكبرى، منها السلام والمرج والمعادي والمنيب والخصوص والقاهرة الجديدة والقطامية والبساتين ومحور الشهيد، كما يتصل بعدد من مراكز الانتقال الكبرى، ما يسهل الربط بينه وبين خطوط المترو والقطار الكهربائي والمونوريل. ويجري العمل حاليًا على استكمال توسعة الشبكة لتشمل المزيد من المحطات، بما يضمن تغطية فعالة لأطراف القاهرة وربط المدن الجديدة بالمناطق القديمة.
أسعار التذاكر وآليات الدفع
ويعتمد الأتوبيس الترددي على منظومة تشغيل ذكية تشمل محطات انتظار مكيفة ومزودة بشاشات عرض رقمية تُظهر توقيتات الوصول والمغادرة، إلى جانب نظام تذاكر إلكتروني يتيح للركاب استخدام كروت ممغنطة أو محافظ إلكترونية للدفع، وذلك في إطار التوجه العام نحو تقليل الاعتماد على الدفع النقدي وتيسير استخدام وسائل النقل الحديثة. وتبدأ أسعار التذاكر من 10 جنيهات للرحلات القصيرة، وقد تصل إلى 25 جنيهًا بحسب المسافة وعدد المحطات، مما يجعله خيارًا اقتصاديًا مقارنة بوسائل النقل الأخرى، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الوقود وزيادة الاعتماد على السيارات الخاصة.
تكلفة المشروع والتجهيزات التقنية
وقد بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع نحو 7 مليارات جنيه، شملت تجهيز البنية التحتية للحارات المخصصة، وإنشاء المحطات، وتوفير أسطول من الحافلات الكهربائية أو التي تعمل بالوقود النظيف، إلى جانب تزويد المشروع بأنظمة مراقبة وتحكم تكنولوجية عالية الدقة. ويمثل الأتوبيس الترددي نموذجًا حديثًا للنقل العام الجماعي السريع، يسهم بشكل مباشر في تقليل زمن التنقل داخل العاصمة، والحد من الانبعاثات الضارة، وتخفيف الضغط على شبكة الطرق، كما يعزز الربط بين المدن والمناطق الصناعية والتجارية والسكنية.
بدائل عملية ومريحة للتنقلات اليومية
ويعد المشروع امتدادًا لجهود الدولة المتواصلة في مجال النقل الذكي، التي تتضمن مشروعات أخرى مثل القطار الكهربائي السريع والمونوريل وتوسعة شبكة مترو الأنفاق، في إطار خطة استراتيجية طموحة تهدف إلى بناء شبكة نقل جماعي متكاملة تخدم مختلف شرائح المجتمع، وتوفر بدائل عملية ومريحة للتنقل اليومي. ويُمكن للمواطنين الاستفادة من الأتوبيس الترددي بسهولة عبر التوجه إلى أقرب محطة، وشراء التذكرة باستخدام الوسائل الذكية، ثم انتظار الحافلة في بيئة منظمة وآمنة، حيث تعمل الحافلات وفق جداول زمنية محددة تضمن انتظام الخدمة وجودتها.
ويمثل الأتوبيس الترددي نقلة نوعية في وسائل النقل الجماعي بالقاهرة، ويعكس التزام الدولة بتحقيق تنمية عمرانية متوازنة ومستدامة، تتواكب مع تطورات التكنولوجيا العالمية، وتراعي البعد البيئي، وتلبي احتياجات المواطنين في التنقل الآمن والفعال داخل واحدة من أكثر العواصم ازدحامًا في العالم.
التعليقات