
في تطور صادم يعيد الجدل حول واحدة من أبرز الشخصيات المثيرة للجدل في عالم المال والأعمال، كشفت تقارير إعلامية ومحتويات كتاب جديد عن مزاعم خطيرة تطال الملياردير المصري الراحل محمد الفايد، الذي كان يمتلك متاجر هارودز الشهيرة في لندن، وفندق الريتز الفاخر في باريس.
الكتاب الذي حمل عنوان “وحش هارودز” (The Monster of Harrods)، من تأليف الصحفية البريطانية أليسون كيرفين، سلط الضوء على سلسلة من الممارسات والانتهاكات التي قيل إنها ارتُكبت خلال عقود من قبل الفايد، الذي توفي عام 2023 عن عمر ناهز 94 عامًا.
كاميرات سرّية وغرف تبديل الملابس.. مزاعم بالتجسس على الزبائن
من أبرز ما ورد في التحقيقات، شهادات صادمة لعدد من الموظفين السابقين في هارودز، أكدوا فيها أن محمد الفايد كان يُشرف على تركيب واستخدام كاميرات مراقبة سرّية داخل غرف تبديل الملابس، بهدف التجسس على الزبائن، لا سيما النساء.
وأفاد أحد الحراس الشخصيين السابقين أن الفايد كان يشاهد هذه التسجيلات بنفسه من مكتبه في الطابق العلوي، وهو ما يشكّل انتهاكًا جسيمًا لخصوصية العملاء.
أكثر من 200 شهادة: اتهامات بانتهاكات جنسية داخل إمبراطورية الفايد
أخطر ما كشف عنه الكتاب هو وجود أكثر من 200 امرأة قدّمن شهاداتهن بشأن تعرضهن لمضايقات جنسية، أو انتهاكات جسدية صريحة، داخل ممتلكات يملكها الفايد، سواء في هارودز أو في فندق الريتز أو حتى داخل مكاتبه الخاصة.
بعض الشهادات تتحدث عن تحرش لفظي متكرر، بينما يزعم البعض الآخر وقوع اعتداءات جنسية مباشرة، بينها حالات طالت فتيات قاصرات في سن المراهقة.
تكتّم وتسويات مالية.. كيف أخفى الفايد هذه الفضائح لعقود؟
اللافت في الشهادات المتطابقة أن الفايد لجأ إلى أساليب متنوعة لـ”إسكات الضحايا”، منها استخدام التسويات المالية واتفاقيات “عدم الإفصاح” (Non-Disclosure Agreements)، إضافة إلى التهديد باتخاذ إجراءات قانونية.
وتقول الصحفية كيرفين إن شبكة من المحامين والمستشارين ساعدت في دفن الكثير من هذه القضايا، حيث كانت تُحل بعيدًا عن الإعلام والمحاكم.
ضغوط لفتح تحقيق رسمي في بريطانيا
بعد انتشار ما جاء في الكتاب، تتصاعد المطالبات حاليًا من قبل بعض الضحايا والمنظمات الحقوقية بفتح تحقيق قضائي رسمي في المملكة المتحدة، للكشف عن مدى صحة الاتهامات ومحاسبة أي جهات كانت على علم وساهمت في التستر عليها.
بعض النواب البريطانيين أعربوا عن دعمهم لتشكيل لجنة مستقلة، خصوصًا بعد أن أظهرت الوثائق أن هناك عددًا من المسؤولين السابقين في مؤسسات قانونية وشركات كبرى قد يكونون متورطين في طمس الحقائق.

محمد الفايد… رجل أعمال مثير للجدل
كان محمد الفايد شخصية بارزة في عالم المال، وقد اشتهر بامتلاكه لمتاجر هارودز قبل بيعها في عام 2010 لشركة قطرية، إضافة إلى ارتباطه باسم الأميرة ديانا، إذ توفي ابنه دودي الفايد معها في حادث سيارة شهير عام 1997.
رغم شهرته ونجاحه التجاري، لطالما دار حول الفايد جدل واسع في وسائل الإعلام البريطانية، خاصة بسبب معاركه القانونية المتعددة مع الحكومة البريطانية بشأن الجنسية، وكذلك بسبب تصريحاته النارية حول العائلة المالكة البريطانية.
رغم مرور أقل من عامين على وفاة محمد الفايد، يبدو أن إرثه لم يهدأ بعد، بل دخل مرحلة جديدة من التمحيص والتحقيق، مع مطالب متزايدة بكشف الحقائق ومحاسبة كل من ساهم في تلك الممارسات، إن ثبتت صحتها.
الملف ما زال مفتوحًا، ومع كل يوم تظهر شهادات جديدة، ما يضع إمبراطورية “هارودز” سابقًا، وصورة أحد أشهر رجال الأعمال العرب، تحت الضوء من جديد.
التعليقات