التخطي إلى المحتوى
من بين مفترق الطرق تولد وجهات النظر: طرابلس الليبية إلى أين


ساحل البحر الابيض المتوسط
العاصمة الليبية طرابلس

 

مع دخولنا منتصف عام 2025،أمل معقود وسط ركام الإنقسام ، لا تزال ليبيا تقف على مفترق طرق محفوف بالتحديات. بلد يختزن في باطنه ثروات هائلة من النفط والغاز، لكنه في ظاهر الأمر لا يزال يبحث عن استقرار مفقود، وسط تجاذبات سياسية وأمنية، ونزاعات مسلحة تعيق عجلة التنمية وتخنق طموحات شعب أنهكته السنوات العجاف.

 

اشتباكات طرابلس… النار تحت الرماد

 

في هذه الايام وسط هدوء حذر بحزم من الولايات الأمريكية، فقد عاشت العاصمة طرابلس مايو الماضي على وقع اشتباكات دامية بعد مقتل عبد الغني الكيكلي، أحد أبرز قادة المجموعات المسلحة، والمعروف بلقب “غنيوة”. أسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى، وأعادت للأذهان مشاهد الفوضى التي حاولت الحكومة المعترف بها دولياً أن تتجاوزها في ظل مساعٍ مستمرة للتفاوض والمصالحة. هذه الحادثة لم تكن سوى وجه من أوجه الصراع القائم بين قوتين متنازعتين على الشرعية: حكومة الوحدة الوطنية في الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وحكومة الاستقرار الوطني في الشرق برئاسة أسامة حامد. وبين هذا وذاك، تبقى مؤسسات الدولة مشرذمة، وجراح الانقسام مفتوحة على مصراعيها.

 

مشهد من احد شوارع وسط العاصمة
مشهد حي لإصابة مدنين إثر قذيفة في وسط المدينة.

النفط… نعمة أم نقمة؟

 

يُعد النفط شريان الحياة الاقتصادية في ليبيا، حيث وصل إنتاج البلاد إلى أكثر من 1.2 مليون برميل يومياً في بداية العام. ورغم هذا الإنتاج الواعد، فإن العائدات المالية لا تنعكس إيجابًا على حياة المواطن، بسبب تفشي الفساد، وسوء إدارة الموارد، واستمرار عمليات تهريب الوقود التي كلفت الدولة أكثر من 40 مليار دينار ليبي خلال عام واحد فقط. في المقابل، تشير تقارير دولية إلى أن الاقتصاد الليبي مرشح لتحقيق نمو نسبي إذا ما استقر الوضع الأمني والسياسي. لكن هذا “إذا” ما زالت بعيدة التحقق في ظل استمرار النزاعات المسلحة، وغياب خطة وطنية شاملة لإعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.

 

احد داخل الحقول النفطية
حقل مليتة لإنتاج النفط والغاز

 

 

المهاجرون… معاناة صامتة

ليبيا تحولت، منذ سنوات، إلى محطة عبور رئيسية للمهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء. لكن في خضم هذا الوضع، يعيش آلاف المهاجرين في ظروف مأساوية داخل مراكز احتجاز غير إنسانية، حيث تتحدث تقارير عن انتهاكات صارخة، من تعذيب واغتصاب وتجويع، بل وحتى وجود مقابر جماعية في بعض المواقع. منظمات أممية دعت إلى فتح تحقيق عاجل، ووقف الانتهاكات فوراً، لكن الواقع على الأرض يكشف عن تقاعس دولي، واستغلال ممنهج لحالة الفوضى من قبل تجار البشر والميليشيات.

 

صور متنوعة لمدن ليبية
صور متنوعة لمدن ليبية

 

سؤال يطرح نفسه بشكل عفوي على كل لسان ليبي: إلى أين تتجه ليبيا؟

يطرح المواطن الليبي اليوم سؤالاً جوهرياً: إلى متى؟ إلى متى سيظل الانقسام السياسي؟ إلى متى ستبقى الميليشيات هي الحَكَم في الشارع؟ إلى متى ستُهدر الثروات في حسابات مجهولة بينما يغرق الناس في فقر وبطالة؟

الإجابة ليست سهلة، لكنها تبدأ من:

  • توحيد المؤسسات.
  • تنظيم انتخابات نزيهة.
  • تفكيك الميليشيات.
  • تفعيل القانون ومحاسبة المفسدين.
  • إعادة دمج الشباب في سوق العمل عبر مشاريع إنتاجية حقيقية.

 

ابراج ذات العماد
طريق الكورنيش ابراج ذات العماد، إصابة البرج الخامس بقذيفة هاون

 

كلمة أخيرة:

ليبيا ليست بلداً فقيراً، لكنها بلد منهك… منهك بالانقسام، بالفساد، وبصراعات لا تنتهي. غير أن الأمل لا يزال حياً في قلوب الليبيين، الذين يتطلعون إلى يومٍ يعم فيه السلام، وتعود فيه الدولة لتكون راعية للجميع، لا ساحة صراع بين قوى متنازعة. فهل يكون 2025 عام التحول؟ أم يستمر الصراع؟

 

طرابلس ليبيا
بحر طرابلس ليبيا

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *