
تتصاعد الضغوط داخل أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بعد مطالبات قوية من عدد من أكبر الأندية الأوروبية، ما دفع الاتحاد إلى النظر في مقترح طموح يقضي بتوسيع بطولة كأس العالم للأندية لتضم 48 فريقًا بدلًا من 32 فقط، وذلك اعتبارًا من نسخة عام 2029. ويبدو أن الأندية الأوروبية، وعلى رأسها برشلونة وأرسنال وليفربول وميلان، لم تعد راضية عن نظام البطولة الحالي، خصوصًا أن النظام الجديد، الذي سيتم تطبيقه لأول مرة هذا الصيف في الولايات المتحدة، يفرض حداً أقصى بمشاركة ناديين فقط من كل بلد، وهو ما اعتبره البعض تقليصًا لدور أوروبا رغم هيمنتها التاريخية على البطولات القارية والعالمية.
النظام الحالي يقلل من فرص المشاركة
الرفض الأوروبي لم يكن مجرد انتقاد تقني، بل اتخذ شكل مقاطعة فعلية من بعض الأندية، حيث قررت هذه الفرق عدم إرسال تشكيلاتها الكاملة أو تقليص مشاركتها الرمزية، اعتراضًا على قواعد التأهل المحدودة وتوزيع المقاعد غير المتوازن. ويبدو أن فيفا لم تتجاهل هذه التحركات، بل بدأت فعليًا في فتح باب المناقشات الداخلية حول آلية جديدة تسمح بزيادة عدد الأندية، وهو ما قد يُعيد تشكيل البطولة لتصبح أكثر تمثيلاً للقارات، لا سيما أوروبا التي تطالب بأن يكون لها نصيب أكبر من الكعكة العالمية.
حجم التمويل الضخم
من جهة أخرى، لا يمكن إغفال حجم التمويل الضخم الذي يحظى به الحدث. المملكة العربية السعودية دخلت على الخط بقوة، من خلال رعاية مباشرة وتمويل عبر وكالة “SURJ Sports”، إلى جانب انضمام عمالقة التسويق والرعاية مثل Adidas وCoca-Cola إلى قائمة الداعمين. أما من ناحية البث، فقد أبرمت منصة DAZN صفقة ضخمة مع فيفا لشراء حقوق البث العالمية للبطولة مقابل مليار دولار أمريكي، ما يعكس الطموح لتحويل البطولة إلى منتج تجاري ضخم ينافس دوري الأبطال وكأس العالم للمنتخبات من حيث المتابعة والعوائد.
دعاوى قانونية ضد فيفا
ورغم هذا الدعم المادي الكبير، لم تشهد نسخة 2025 إقبالًا جماهيريًا كاملاً حتى الآن، حيث لم تُبع جميع التذاكر، ما يُثير تساؤلات حول جاذبية البطولة بالشكل الحالي. فيفا تأمل أن يؤدي التوسيع المقترح إلى رفع الحماس الجماهيري وزيادة نسب المشاهدة، خاصة إذا ما شملت البطولة عددًا أكبر من الأندية المعروفة عالميًا.
لكن على الضفة الأخرى، لا يبدو أن الجميع سعيد بهذه التحركات. فقد رفعت جهات مثل FIFPRO (نقابة اللاعبين المحترفين عالميًا) ورابطة الدوريات الأوروبية دعاوى قانونية ضد فيفا، تتهمها بعدم التشاور مع اللاعبين والاتحادات المحلية بشأن تنظيم البطولة وجدولتها. ووصفت هذه الجهات ما تقوم به فيفا بأنه محاولة “استغلال تجاري على حساب صحة اللاعبين”، بينما ردت فيفا على هذه الاتهامات بوصفها “أصواتًا مدفوعة بمصالح ضيقة”.

تغير خريطة المنافسة
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث تتابع المفوضية الأوروبية الوضع عن كثب، دون أن تصدر قرارًا رسميًا حتى الآن بشأن فتح تحقيق موسع في طبيعة تنظيم البطولة وتوزيع الحقوق بين الأندية واللاعبين والجهات الراعية.
وبينما تُجرى النسخة الحالية من كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة بمشاركة 32 ناديًا، فإن نسخة 2029 تلوح في الأفق باعتبارها نقطة تحول كبرى. إذ أن اعتماد نظام 48 فريقًا قد يغير خريطة المنافسة ويمنح أندية من إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية فرصة أكبر للظهور، وفي الوقت نفسه يُرضي طموح الأندية الأوروبية الكبرى الساعية للمزيد من التمثيل والعوائد.
بشرى سارة للأندية المصرية
وللشارع الرياضي المصري، قد تحمل هذه الخطوة أخبارًا سارة. فالأندية المصرية، وعلى رأسها الأهلي والزمالك، قد تصبح ضمن المرشحين الدائمين للمشاركة في البطولة في حال توسعت قاعدة الفرق، خصوصًا مع تطور مستوى التنافس القاري وزيادة الاهتمام الدولي بكرة القدم المصرية.
فيفا تبدو اليوم على مفترق طرق: إما أن تستجيب لمطالب الكبار وتُحدث نقلة نوعية في شكل البطولة، أو أن تتمسك بالنظام الحالي مع ما يحمله من تحديات وانتقادات قد تؤثر على مستقبل البطولة كمشروع تجاري وجماهيري في آن واحد.
التعليقات