
خيوط وألوان وقصات غير عادية، من الرداء الفرعوني العريق المطرز والمزين إلى الجينز العصري الممزق، ومن تنانير الخمسينات الطويلة والمنفوشة إلى أزياء الشارع الجريئة في الألفية الجديدة، الموضة مرآة الزمن وواجهة كل ثقافة.
في هذا المقال لن نكتفي بالحديث عن تطور الموضة فقط، بل سنشاهد تحولها من الأمس إلى الحاضر، ولنعرف أن الموضة ليست مجرد ملابس؛ بل هي حكايات وقصص تروى على أجساد البشر وتوضح ما طرأ على الزمن وتغيّر.
مصر القديمة
في قلب مدينة طيبة، عاصمة مصر القديمة، لم تكن الموضة مجرد ملابس فقط كانت أيضاً انعكاساً واضحاً لورؤية حضارية متكاملة، وثقافة عريقة همت إلى توثيق كل لحظة من لحظاته وبالأخص تفاصيل الأزياء على جدران المعابد والمقابر.
لم يصمّم المصري القديم ملابسه عشوائياً، بل كان يعرف كيف يوظّف الموارد المتاحة لديه بذكاء، فمثَّل الكتان حجر الزاوية في صناعة الملابس، ليس فقط لأنه كان متوفراً بكثرة في ذلك الوقت، بل لأنه عملي: فهو نسيج خفيف يتعامل بكفاءة مع مناخ مصر المتقلب. وحتى الطبقات الاجتماعية انعكست في نوع القماش وجودته؛ فالحرير كان اختيار الصفوة، وكان بمثابة مؤشر على المكانة الاجتماعية المرموقة، خاصة لدى النساء.
ارتدى الرجال “الإزار” كقطعة أساسية في ملبسهم، لكن الطبقة العليا أضافت بعداً بصرياً وعملياً آخر من خلال “الحرملة”، وهي رداء يغطي الكتف والصدر. أما الفئات العاملة وهي الطبقة الأقل من العليا، فاختارت الحل الأبسط: تنورة قصيرة تتيح الحركة وتتناسب مع طبيعة المهام اليومية وطبيعة عملهم.
النساء من جانبهن، جسّدن التطور البصري في الموضة من خلال فساتين ضيقة وأخرى فضفاضة، بتصاميم متدرجة من البساطة إلى الأناقة.
العصور الوسطى
شهدت إنجلترا خلال الحقبة الفيكتورية (1837–1901) تحولات جوهرية لم تقتصر على السياسة والاقتصاد فحسب، بل طالت أنماط الحياة اليومية، وعلى رأسها صناعة الأزياء. فقد شكّلت هذه الفترة نقطة انطلاق حقيقية لعصر الإنتاج الصناعي، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الملابس والذوق العام.
وفي الوقت نفسه، بدأت الأصباغ الصناعية، المستخلصة من الفحم لأول مرة، في دخول الأسواق، مما أتاح طيفًا جديدًا من الألوان الزاهية لم يكن ممكنًا من قبل باستخدام الأصباغ الطبيعية.
يتكون الزي الفيكتوري الكلاسيكي للنساء من طبقات متعددة تبرز رقيّ الذوق ودقة الصنعة في ذلك العصر. وتبدأ الإطلالة من الداخل بما يُعرف بـ”الكورسيه”، وهو مشد ضيق يُربط بشريط خلفي ليمنح الجذع شكل الساعة الرملية الشهير. فوقه، ترتدي بلوزة ذات ياقة عالية و أكمام طويلة، غالباً ما تكون مصنوعة من قماش قطني أو حريري مزركش بالدانتيل أو التطريز اليدوي الذي يبرز جمال وروعة وعراقة التصميم في تلك الحقبة.
منذ 2010 حتى الآن ( العصر الحديث من الموضة العمياء)
قلب الإنترنت الطاولة، فلم يعد المصمم هو من يقود ويختار الموضة، بل دخل الجمهور على طاولة المناقشة والتأثير حتى دخلت أشكال للموضة ملفتة احياناً، فبدأ العصر الحديث من الموضة بذم العصور التي تسبقه من وركز على الظهور بشكل مُلفتحتى وإن كان ذلك على حساب قطعة القماش التي تحملت الكثير من النهش المبالغ فيه بعض الشئ، فظهرت البناطيل المقطعة التي يعود تاريخها لأواخر القرن التاسع عشر والذي تم تصميمه خصيصاً لعمال المناجم فى الولايات المتحدة الأمريكية، أصبح في هذه الأيام الموضة المفضلة لعشاق أحدث صيحاتها.
التعليقات