التخطي إلى المحتوى
البنك المركزي المصري يصدر تعليمات جديدة لإدارة المخاطر وتطوير الرقابة المصرفية



في تحرك استراتيجي يعكس الإدراك المتنامي لأهمية الاستعداد المؤسسي لمواجهة التحولات الاقتصادية والمالية العالمية، أعلن الدكتور عصام عمر، الوكيل المساعد لمحافظ البنك المركزي المصري، أن البنك المركزي أصدر خلال الفترة الأخيرة حزمة من التعليمات الرقابية التي تستهدف تدعيم أطر إدارة المخاطر وتعزيز المرونة التشغيلية داخل البنوك العاملة في السوق المحلية.

جاء ذلك خلال مشاركته في إحدى الجلسات الفنية بمنتدى مصرفي بمدينة شرم الشيخ، حيث أوضح أن هذه التعليمات تمثل نقلة نوعية في فلسفة الإشراف والرقابة المصرفية، مبنية على نهج استباقي مرن، يعكس التوجه العالمي نحو الرقابة القائمة على المخاطر والحوكمة المؤسسية.

نهج جديد للرقابة المصرفية

تتمحور التعليمات الجديدة حول ثلاثة محاور رئيسية:

تبني نموذج إدارة مخاطر ديناميكي يتوافق مع معايير بازل 3، ويغطي المخاطر الائتمانية والتشغيلية ومخاطر السوق والسيولة.

دعم الجاهزية التشغيلية عبر خطط استمرارية الأعمال، وضمان استمرارية الخدمات المصرفية في حالات الطوارئ أو الكوارث، بما في ذلك الهجمات السيبرانية.

تكامل الرقابة الرقمية، من خلال توسيع نطاق الرقابة لتشمل التكنولوجيا المالية “FinTech”، ومزودي الخدمات الخارجية Outsourcing ضمن سلاسل القيمة المصرفية.

مرونة التشغيل في بيئة غير مستقرة

أوضح الدكتور عصام عمر أن المرونة التشغيلية لم تعد خيارًا تقنيًا بل أصبحت “شرطًا وجوديًا” للقطاع المصرفي في ضوء بيئة عالمية تتسم بالتقلبات الشديدة، مشيرًا إلى أن البنك المركزي يعمل على إدماج مفاهيم مثل:

تقييم السيناريوهات الكارثية.

اختبارات الضغط المالي والتشغيلي.

الاستجابة السريعة للفجوات التشغيلية عبر آليات الحوكمة المرنة.

التحول الرقمي كمكوّن جوهري لإدارة المخاطر

أحد أبرز ملامح السياسة الرقابية الجديدة هو الاعتماد على الرقمنة كعنصر فاعل في تقليل المخاطر التشغيلية، حيث يتم تحفيز البنوك على الاستثمار في بنية تحتية رقمية مؤمنة، واستخدام أدوات التحليل الذكي في تقييم المخاطر، وهو ما يفتح المجال أمام نماذج جديدة من المصرفية الاستباقية.

دور البنوك في دعم الاستقرار المالي

ترى المؤسسة الرقابية أن استقرار القطاع المصرفي المصري هو حجر الزاوية في استقرار الاقتصاد الكلي، لذلك تم تصميم التعليمات الأخيرة لتكون أكثر تكيفًا مع الهياكل المتنوعة للبنوك، سواء كانت بنوكًا تجارية كبرى، أو متوسطة وصغيرة، أو مؤسسات مالية غير مصرفية ذات أنشطة متخصصة.

توازن بين الحماية والتحفيز

السياسات الجديدة للبنك المركزي لا تكتفي بحماية القطاع المالي من المخاطر، بل تخلق أيضًا بيئة محفزة للابتكار والنمو، إذ تعمل التعليمات على تقليص البيروقراطية، وتبني مفاهيم التيسير الرقابي بما يسمح للبنوك بتوسيع نشاطها، دون المساس بالاستقرار المالي.

تدل تصريحات البنك المركزي على مرحلة تحول رقابي مؤسسي عميقة، تسعى إلى التوفيق بين الحوكمة الرصينة والمرونة التشغيلية، بما يضمن تعزيز الثقة في النظام المصرفي المصري. ويبدو أن المركزي المصري يتبنى نهجًا تطوريًا شبيهًا بالممارسات المتقدمة في الدول ذات الأسواق الناشئة، ويضع نصب عينيه رفع جاهزية البنوك لمواجهة دورة اقتصادية عالمية قد تكون أكثر اضطرابًا مما سبق.



التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *