التخطي إلى المحتوى
أزمة الإيجار القديم في مصر: تحديات وتعديلات برلمانية تحاول تحقيق التوازن


أزمة الإيجار القديم في مصر: تحديات وتعديلات برلمانية تحاول تحقيق التوازن

تُعد قضية الإيجار القديم في مصر من القضايا الشائكة والمعقدة التي استمرت لعقود طويلة، مثيرةً جدلاً واسعاً بين الملاك والمستأجرين. 

أزمة الإيجار القديم في مصر: تحديات وتعديلات برلمانية تحاول تحقيق التوازن

فبينما يرى الملاك أن قوانين الإيجار القديمة قد سلبتهم حقهم في الاستفادة من ممتلكاتهم بأسعار عادلة، يرى المستأجرون أن هذه القوانين حمتهم من التشرد وارتفاع الإيجارات الجنوني.

مع التعديلات الأخيرة التي أقرها البرلمان المصري، تسعى الدولة إلى إيجاد حل يحقق التوازن بين حقوق الطرفين، ويساهم في تنظيم السوق العقاري.

خلفية تاريخية للأزمة

ترجع جذور أزمة الإيجار القديم إلى قوانين صدرت في منتصف القرن الماضي، في فترات زمنية كانت تهدف إلى حماية المستأجرين وتوفير سكن بأسعار مناسبة. 

هذه القوانين قيدت حق المالك في تعديل القيمة الإيجارية، ومنحت العقود امتداداً تلقائياً يسمح لورثة المستأجر بالاستمرار في شغل الوحدة.

 مما أدى إلى تثبيت إيجارات زهيدة لا تتناسب إطلاقاً مع القيمة السوقية الحالية للعقارات.

هذا الوضع أفرز مشكلات عديدة:

ظلم الملاك: حيث يمتلك الملاك عقارات ذات قيمة سوقية عالية، ولكنها تدر عليهم عائداً ضئيلاً لا يغطي أحياناً تكاليف الصيانة أو الضرائب العقارية.

تشوه السوق العقاري: أوجد سوقاً مزدوجة وغير عادلة، أثرت سلباً على الاستثمار في القطاع العقاري.

تهالك المباني: تسبب انخفاض العائد في إحجام الملاك عن صيانة العقارات أو تطويرها، مما أدى إلى تدهور حالة العديد من المباني.

التعديلات البرلمانية الأخيرة ومستقبل الأزمة

في محاولة لمعالجة هذا الملف الشائك، وافق البرلمان المصري مؤخرًا على تعديلات جديدة لقانون الإيجار القديم، والتي تستهدف تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر وإعادة التوازن للسوق العقاري بشكل تدريجي.

أبرز ملامح التعديلات:

فترة انتقالية لإنهاء العلاقة الإيجارية:

للوحدات السكنية: تنتهي عقود الإيجار بانتهاء مدة 7 سنوات من تاريخ العمل بالقانون الجديد.

للوحدات غير السكنية (الأشخاص الطبيعيين): تنتهي عقود الإيجار بانتهاء مدة 5 سنوات من تاريخ العمل بالقانون الجديد.

يُلزم المستأجر بإخلاء الوحدة وتسليمها للمالك بعد انتهاء هذه الفترة، ما لم يتم التراضي على الإنهاء قبل ذلك.

زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية:

خلال الفترة الانتقالية، ستُطبق زيادة دورية سنوية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية الحالية، سواء للوحدات السكنية أو غير السكنية.

تم تقسيم المناطق إلى “متميزة”، “متوسطة”، و”اقتصادية” لتحديد القيمة الإيجارية، حيث قد تصل الزيادة إلى 20 ضعف القيمة الحالية في المناطق المميزة (بحد أدنى 1000 جنيه)، و10 أمثال في المناطق المتوسطة، و250 جنيه للمناطق الاقتصادية.

حالات الإخلاء الفوري: تضمنت التعديلات بنودًا تسمح للمالك بطلب الإخلاء الفوري في حالات محددة، مثل:

إغلاق الوحدة لمدة تزيد عن عام دون مبرر.

امتلاك المستأجر لوحدة أخرى صالحة لنفس الغرض.

عدم سداد الأجرة لمدة ثلاثة أشهر متصلة دون سبب قانوني.

استخدام الوحدة في غير الغرض المؤجرة من أجله.

ضمانات للمستأجرين:

تؤكد الحكومة على أن التدرج في رفع الإيجارات يهدف إلى تحقيق العدالة وسد الفجوة بين الإيجارات القديمة وسعر السوق، مع ضمان عدم تعرض المستأجر لضغوط مفاجئة أو ترحيل قسري.

يُطالب بضرورة توفير بدائل سكنية للفئات الأولى بالرعاية، وتمديد الفترة الانتقالية في بعض الحالات، مع وضع خطة واضحة من الدولة لتوفير هذه البدائل.

تباين الآراء والتحديات المستقبلية

رغم أن التعديلات تهدف إلى تحقيق العدالة للملاك وإعادة الحيوية للسوق العقاري، إلا أنها أثارت جدلاً واسعاً وانقساماً بين الطرفين.

الملاك: يرون أن القانون خطوة مهمة نحو استعادة حقوقهم، لكن بعضهم يرى أن الصياغة لا تزال معيبة وتفتقر للبعد الاقتصادي، ولا تراعي تقدير القيمة الإيجارية العادلة بشكل كافٍ.

المستأجرون: يعيشون حالة من الترقب والقلق بشأن مصيرهم بعد انتهاء الفترة الانتقالية، خاصة الفئات غير القادرة على توفير سكن بديل بأسعار السوق الحالية.

يبقى التحدي الأكبر في تطبيق هذه التعديلات هو تحقيق التوازن بين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. فبينما تسعى الدولة لإنهاء ظلم الملاك، يجب أن تضمن في الوقت نفسه عدم إلحاق الضرر بملايين المستأجرين الذين يعتمدون على هذه الوحدات كملاذ وحيد لهم. 

تظل آليات توفير السكن البديل للفئات المتضررة من أهم النقاط التي يجب على الحكومة العمل عليها لضمان انتقال سلس وعادل لهذه الأزمة التاريخية.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *