في خطوة تعكس الحذر المالي في مواجهة تقلبات الاقتصاد العالمي، أعلنت أنجولا، ثاني أكبر منتج للنفط في إفريقيا، تأجيل خططها لإصدار سندات اليوروبوند التي كانت مقررة خلال العام الجاري، وسط تنامي حالة عدم اليقين في الأسواق الدولية، وتراجع أسعار النفط الذي يعد المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد.
وقال مسؤول حكومي رفيع إن القرار جاء بعد تقييم شامل لتطورات الأسواق، حيث أظهرت البيانات أن التذبذب الحاد في أسعار الطاقة وتراجع شهية المستثمرين تجاه أدوات الدين السيادية قد يرفع تكلفة الاقتراض إلى مستويات غير مقبولة. وأكد المسؤول أن الحكومة تراقب الوضع المالي العالمي عن كثب وستعيد النظر في توقيت الإصدار عندما تتحسن الظروف، مشيرًا إلى أن الأولوية الحالية هي الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي للبلاد.
وتعتمد أنجولا بشكل كبير على صادرات النفط، التي تمثل نحو 90% من عائدات النقد الأجنبي. ومع الانخفاض الأخير في أسعار الخام، تواجه الميزانية ضغوطًا متزايدة، خصوصًا مع ارتفاع تكاليف خدمة الدين الخارجي. وكانت الحكومة تهدف إلى الاستفادة من إصدار سندات اليوروبوند في تمويل خطط التنمية والبنية التحتية، إضافة إلى إعادة هيكلة بعض التزاماتها المالية.
ويرى محللون أن قرار أنجولا يعكس المخاوف الأوسع في القارة الإفريقية من الظروف غير المواتية لإصدارات الدين، إذ تشهد العديد من الاقتصادات الإفريقية صعوبات مماثلة في جذب التمويل الدولي وسط ارتفاع تكاليف الاقتراض وتغير أولويات المستثمرين.
ويشير خبراء الأسواق إلى أن الطلب على السندات الإفريقية تراجع نتيجة استمرار التقلبات في الأسواق العالمية، خاصة في ظل الغموض بشأن سياسات أسعار الفائدة العالمية، وتوقعات تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى، ما يدفع المستثمرين إلى البحث عن الأصول الآمنة.
ومع ذلك، تؤكد الحكومة الأنغولية التزامها بخططها التنموية، وتسعى لتنويع مصادر التمويل عبر تعزيز الشراكات الثنائية والمتعددة الأطراف، وزيادة الاستثمارات في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة لتقليل الاعتماد على النفط. كما تعمل على إصلاحات اقتصادية تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسين كفاءة إدارة الدين العام.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن تأجيل الإصدار في الوقت الحالي قد يساهم في تجنب ضغوط مالية إضافية، لكنه يضع أمام الحكومة تحديًا لموازنة احتياجات التمويل مع الحفاظ على استقرار العملة والاقتصاد الكلي، في وقت تتزايد فيه المخاطر الخارجية.
التعليقات